بالأسبوع الماضي، تحديداً الثلاثاء.. وافق يوم امتحان أصعب وأدسم وحدة تعليمية بسنة ثانية طب، وهي وحدة القلب والأوعية الدموية؛ ولمن لا يعرف نظام جامعتي:- نحن ندرس جميع المواد التي تخص الوحدة التعليمية؛ أي ليس مادة بمادة كالنظام التقليدي المعروف.
المهم، كانت فترة العطلة للدراسة 9 أيام، والمطلوب منا دراسة، حفظ، تثبيت ومراجعة 60 محاضرة بجميع المواد، من الفسيولوجي حتى الباثولوجي، القلب وكيف يعمل والنبض والـ threshold، أمراضه وأمراض الأوعية الدموية وأورامها.. كيفية بناء وتكسير الدهون المرتبطة بالبروتين Lipoprotein metabolism وعملها وكل أنواعها.
أما عن الأناتومي فهو الحلاوة كلها؛ درسنا الأبر ليمب+15 محاضرة عن تشريح الطرف العلوي وهو يبدأ من عظمة الترقوة حتى العضلات المنشارية الأمامية والعضلة الظهرية العريضة.. الأوردة والشرايين والأعصاب والعضلات والعظام وأماكنها وتطول الحكاية.
عموماً.. أيام دراسة تلك الوحدة لم تكن ألطف شيء، بل أياماً ثقيلة جداً ضيعت بسبب قلقي واكتئاب طفيف 3 أيام من دون دراسة.. لستُ أقول أنني أخاف من الامتحانات على العكس، بل أقول أنه من فرط التفكير كدت الانسحاب لولا أنه ليس من شيمي، علماً بأن كل زملاء الدفعة نفس وضعي.
بعدما شددتُ الهمة بدأت الدراسة، مع شبح الندم على عدم الدراسة منذ أول يوم، ولكن لابأس! قاومت جلد ذاتي ببسالة.
بليلة الامتحان نمتُ قبل الثانية عشرة بقليل لفرط التعب واستيقظت الثانية والنصف صباحاً (بعد منتصف الليل) أي نمتُ لساعتين ونصف. وأكملت الدراسة. ليس من طبعي السهر بسبب الامتحانات، ولكني فعلتها لدسامة وصعوبة المنهج.. تحدّيتُ نفسي ونجحت بالأمر.
إلى هنا.. لحظة واحدة فقط!
لماذا أتحدث بكل هذه التفاصيل على الرغم من عدم كونها محور التدوينة؟ ووه! مشوها لي.
عموماً بقيت مستيقظة، درستُ حتى السابعة، دوش بارد بسبب ارهاقي، تنشطتُ، لم أستطع الإفطار بسبب معدتي التي قلقتُ منها (أعصاب معدة)، تجهزت وذهبتُ للجامعة.
يبدأ الامتحان بالتاسعة، ولكننا لم نبدأ حتى العاشرة وهو أمر حدث لأول مرة بتاريخ الجامعة العريق! وكله بسبب مشكلة في منظومة الامتحانات الداخلية (نحن نمتحن على حواسيبنا الشخصية ونستخدم إنترنت منظومة الامتحانات تجنباً لبطء الانترنت الشخصي).
60 سؤالاً، الأمر الذي أستطيع قوله هو “صدمة في جرتها صدمة لساني تبكّم من الندمة” وهو مقطع من أغنية ليبية لشخص اسمه كامي كازي، ومن هنا أود شكر كامي لأنه أطلق أغنية بها جملة عبرت عن لجمة لساني :).
الأسئلة حرفياً غريبة، لا تعرف هل هي سهلة أو أنت توقعت الأصعب ولماذا هي غير مباشرة لهذه الدرجة؟ كل الأسئلة غريبة إلا اثنتين مباشرات.. الباقي مهما تحاول تفهم رح إدوخ زيادة!
أوه نسيت أمراً آخراً لقد انقطعت الكهرباء علينا، أولم أخبركم أنه يومي درامي غريب!
خرجنا مش عارفين شي.. مصدومين من اللي صار.
لم أرى أحداً قال كلمة ساهل، بسيط، أو حتى ماشي حاله.. الكل يدعوا بالنجاح وأن يُصفي لأن أهله دفعوا مح كبدهم على مصاريف الجامعة:’).
أردتُ الصياح حرفياً، ولكني شددتُ نفسي فشكوت قليلاً، وبسبب لخبطة المواصلات ظللتُ ساعتين ونصف بالجامعة أنتظر مَن يقلَّني من الأشقاء الطيبين وللأسف بقيتُ بسياج الجامعة تحت الشمس ودرجة الحرارة العالية مع شبح الرطوبة.. وبعد عودتي للمنزل وجدتُ الكهرباء مقطوعة.
كدتُ الانهيار!
هنا جلستُ مع نفسي قليلاً!
بدأت التفكير، لم أنم به جيداً منذ أسبوع، لي 12 ساعة لم أتذوق بها طعم النوم، لم آكل شيء منذ 12 ساعة، امحنتُ امتحان سيء جداً، انقطعت الكهرباء، الجو ساخن، جائعة ولا يوجد غداء، نفسيتي تحت الصفر.
باختصار، تلاقت علي وأنا على تكة شعرة وأنهار. قررتُ مع ذاتي أنه أمر علي التعامل معي بطريقة ألطف، لأنني بحاجة لأُعاملني بهدوء وتفهُّم.. وليس بقسوة؛ يكفي سوء ما تعرضت له.
أخذت دوش بارد، أزال الإرهاق مني قليلاً، ودخلت المطبخ.. حضرتُ ستيك لحم وسلطة مشوية لأتغدى بها، وأقسم لكم أنها كانت ألذ من ألذ أكلة حضّرتها، جوسي وطِعمة..!
بعد الغداء حضرتُ شاهي أخضر منعنع وأكلتُ معه بسبوستي “البايتة منذ بضعة أيام” والجدير بالذكر أنها كانت جلسة لطيفة مع النفس.
وعند عودة الكهرباء قبل المغرب، قررتُ التمشي حول الحي، وهو أمر لي مدة طويلة لم أفعله بسبب مزاجية شقيقتي الكبرى ولكن بطريقة ما تسهّلت الأمور وبدر منها الأمر. (كانت لتكون تمشاية أجمل من دون رِفقة:’)
الهواء النقي كان كفيلاً بتغيير مزاجي بالكامل.
بالنسبة للنوم، فالعجيب بالأمر أنه ولفرط تعبي وإرهاقي لم أستطع النوم.. كنت تعبة جداً جداً وعقلي رأسي ينبض ألماً وجسدي منهك ولا طاقة لي للقيام بشيء ولشدة كل هذا لم أقدر على الظفر بقيلولة حتى!
ولكن بعدما صلَّيتُ العشاء سقطتُ كالصريعة لا أشعر بشيء.. لأستيقظ بالعاشرة صباح اليوم التالي أي 12 ساعة نوم (مع عدم احتساب ربع ساعة استيقظتُ بها لصلاة الفجر).
ولكوني لازلتُ متأثرة بسوء اليوم حاولتُ -مجدداً- الترويح عني، فحضَّرتُ فطوراً فخم ومُشبع، ومن ثم وفي محاولة لمُكافأة ذاتي على جهدي بالأيام الماضية اشتريتُ كتاباً كهدية مُتواضعة بسيطة.
حقيقة، كان كل ما كنت بحاجة إليه هو حضن دافئ وطبطبة أنه لابأس بالمرور بمثل هذه الأمور السيئة.. لربما وقتها كنتُ سأرتاح.
كيف أتعامل مع أيامي الصعبة؟
- أفضفض، وعلى الأغلب لوالدتي.
- أركن على نفسي لقليل من الساعات.
- أحاول تناسي سوء ما مررتُ به.
- أشاهد مقاطع على اليوتيوب.
- أشتري لي هدية متواضعة.
- أشاهد مسلسل أو فيلم.
- أقرأ تدويناتٌ للأصدقاء.
- أحضّر أكلة لذيذة.
- أنام بعمق شديد.
- أقرأ من كتاب.
🫧
أفكر كثيراً، لي أمنيات كثيرة، أريد النوم، أريد أن تنتهي هذه الفترة، ليس بسبب الامتحانات، بل لأنها ضاقت فلما استحكمت حلقاتها وأريد بجد أن أقول فرجت وكنتُ أظنها لا تُفرج؛ لأنهيها بتنهيدة عميقة وأكمل شُرب كوب الشاهي وأنا أنظر للسماء من سياج المنزل ليلاً.