أغلبنا سمِع بخصوص أول عملية نقل رئتين بمصر بكادر طبي مصري وهي الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط؛ خاصة وأن الرئتين تبرَّع بها أحياء!
وبحسب ما نشرته سكاي نيوز العربية عن هذا الموضوع الذي غطَّته منذ البداية..
سحَر صاحبة الـ28 عام، تُعاني منذ صغرها من مشاكل بالتنفس وقد واجهت الموت المُحتم لمرتين..
بُعث بأواخر 2019 كادر طبي مصري من جامعة عين شمس لليابان والسعودية للتدرب على عمليات الزرع.. وتحت إشراف الاستشاري الياباني (هيروشى داتيه) بعد تجهيز سحَر لأشهر تمت عملية زراعة رئة لسحر من شقيقيها.
3 غرف، 3 أسِرَّة، 14 ساعة، وأكثر من 60 طبيب من 13 تخصص مُختلف (أمراض الصدر، القلب والأوعية الدموية، التخدير، أمراض الجهاز المناعي ومكافحة العدوى، صيدلانيين وأخصائيي أشعة) علماً بأن هذه التخصصات عامة وتتفرع منها أقسام وبها المُختصين لكل فرع.
نجحت العملية واستيقظت سحَر التي بقَت على جهاز التروية حتى يعتاد جسدها على الرئة الجديدة.. وكان من المُفترض أن تبقى على جهاز التنفس الصناعي لمدة 3 أسابيع وسبب هذه المدة الطويلة هو فشل عضلة القلب؛ وبذلك لها وضع طبي خاص.

بعد 3 أسابيع أُعلنت وفاتها.. أمر غريب أولم تكُن بخير؟!
صرَّح الأطباء أن السبب هو الرفض العنيف والمفاجئ لجسد سحَر ضد إحدى الرئتين مما أدى الى وفاتها سريعاً، على الرغم من كل تلك التجهيزات قبل العملية والحرص أثناء وبعد العملية إلا أنها لم تفلح بتثبيط ومنع هذا الرفض المتعارف حدوثه عند عملية زراعة الأعضاء.
رحِمها الله وصبَّر أهلها على فراقها.
ما لا تعرفه عن زراعة الأعضاء.. من التحاليل إلى ما تحت المجهر🔬🧬
هنالك ترتيبات خاصة جداً ومُطولة تستغرق أشهر كثيرة عند القيام بعملية زراعة عضو.. على حسب الحالة وخطورتها وإيجاد المُتبرع وتأكيد التطابق بالعديد من الطُرق التشريحية إلى تحديد الأدوية التي سيتم صرفها بعناية شديدة للمريض وكذلك المُتبرع، وما بعد العملية من متابعات لرؤية ما إن حدث رفض للعضو من قِبَل الجسد أو تقبله وبدآ العمل سوياً بانسجام.
ليس كل مَريض يحتاج نقل عضو سيتم زراعة واحد له؛ والسبب هو التقييمات والفحوصات الطبية وكذلك النفسية من مركز نقل الأعضاء التي يُحدد كل هذه النقاط.. وقد يتم رفض طلب زراعة العضو بسبب معرفة أن هذا المريض لن يهتم بصحته بعد العملية!
بعد بعث طلب لمركز نقل الأعضاء سيتم عمل مقابلة مع المريض، وسيتم تقييم حالة المريض النفسية ومعرفة تاريخه المرضي وأسبابه، بل حتى بيئته المحيطة كلها ومعرفة ما إن كان مُدمن للمخدرات، الكحول والسجائر؛ فكلها عوامل مهمة بالعلاج ولها يد بقبول ورفض التبرع.
عند توافر شروط الزرع وبعد إيجاد مُتبرع يحمل نفس فصيلة الدم وحالة العضو جيدة، يتم عمل عدة تحاليل على المستوى الجيني للتأكد من التطابق الكُلي عن طريق اختبار DNA cross matching وهي طريقة دقيقة وغالية جداً تعتمد على تحديد تطابق الحمض النووي!

بحال توافر كل الشروط المطلوبة تبدأ عملية التجهيز المناعي وهي فترة علاجية وقتها يستغرق على حسب صحة المريض، بها يأخذ المَريض أدوية تُثبط الجهاز المناعي لمنع تكوين أجسام مضادة ضد العضو عند زراعته بالمريض.
وبعد انتهاء الكورس العلاجي لتثبيط المناعة تتم عملية الزرع مع وجود استشاري أمراض المناعة مُتخصص بقسم أمراض زراعة الأعضاء.. وبوقت العملية تتم مراقبة المؤشرات الحيوية وأعراض رفض العضو التي تتراوح بين الخفيفة والقوية التي قد تصل إلى الموت!
قد يحدث الرفض بوقت عملية النقل؛ فيكوِّن الجسد خلايا مناعية وأجسام مضادة بسرعة كبيرة ضد العضو عندها يتم إيقاف العملية ومعالجة الأعراض بأسرع وقت قبل فوات الأوان؛ فهذه الأعراض تكون على هيئة جلطات صغيرة وانسداد بالتنفس الرئوي وبسبب الهيستامين قد يظهر طفح وتصل إلى توقف عضلة القلب نتيجة لتوسع الأوعية الدموية مما يؤدي إلى انخفاض الضغط الذي بدوره يزيد النبض والجهد القلبي.
وهذا النوع يحدث بغضون ثوانٍ من عملية الزرع ونسميه Hyperacute.
وقد يتقبل الجسد هذا العضو المزروع ببادئ الأمر وبعد عدة أيام إلى أسبوع، وتصل إلى أول ثلاثة أشهر يحدث الرفض وهذا ما نسميه بالـ Acute rejection.
وأما الرفض الذي يحدث بعد أعوام نسميه بالـ Chronic rejection.
ما حدثَ هنا بحالة سحَر هو رفض الجسد للعضو بعد الزرع وهو النوع المتوسط Acute type؛ فقد حدث بعد 3 أسابيع من عملية الزرع.
🦋🦋🦋
هذا الموضوع يَطول شرحه وبه من التفاصيل ما لا يسعني ذِكره بتدوينتي هذه التي غطَّيتُ بها حالة سحَر من وجهة نظر طبية مُتعمقة قليلاً..
أُحيلك لهذه الورقة البحثية، سهلة اللغة وغزيرة الإفادة نُشرت من قِبل:- «Malgorzata Kloc & Rafik M. Ghobrial»
وكانت بعنوان:- Chronic allograft rejection: A significant hurdle to transplant success